الجمعة، 30 نوفمبر 2012

قصة قصيرة



يوم سعيد

بقلم:عفاف الذيبي

نزل عليه الخبر كالصاعقة...تجرع رشفة القهوة التي كانت مرة كالعلقم...
بعدما لام زوجته لإكثارها من وضع السكر في القهوة..
كادت الكأس أن تسقط حين ارتجفت يداه، فأمسكها بشدة ووضعها فوق الطاولة
ورمى بنظرة خلسة لأبنائه , وهم ينظرون إليه بحزن وذعر.
سيقول لهم كعادته احترسوا من الغرباء والسيارات وعودوا بسرعة بعد انتهاء الدرس.
لكن الكلمات توقفت في حلقه ,واكتفى بابتسامة صفراء .
نظرت المرأة إلى صديق زوجها وهي لا تزال تحت تأثير الخبر الصاعق, تريد سماع بقية الحكاية.
فتابع يقول وهو متجمد بمكانه كتحفة من الصلصال ،غدا سيبعثون بفرقة التفتيش لقريتنا..
يجب أن تهرب يا سعيد لو أمسكوا بك لن يترددوا لحظة في قتلك، ولن يستمعوا لكلامك
ولدفاعك عن نفسك فهم حتى لا يفقهون لغتنا..أنت الآن متورط بقتل الراقصة_خيانة_’
جلست الزوجة على ركبتيها وصرخت باكية مولولة..
توقف قلب سعيد لحظة.. ثم دق دقة هوت كل أنحاء جسده .ركل الكرسي وعض على شفتيه
بمضض أوغاد هذا كل ما لفظ به بعدما هم بالخروج هاربا.
صاح به صديقه ’الى الجبل يا سعيد..اختبئ بمغارة ريثما أجد حيلة لإخراجك من هذه البلاد.’
بضربة قدم حجرية كسر الباب الخشبي القديم ..صاح الصغار وارتعبوا وأسرعوا لحضن أمهم,
فشدتهم إليها وضمتهم بعنف وهي تتنفس بعنف وتحدج الغرباء بنظرة صارمة..قاسية.....
وكأنها بندقية في ساحة حرب .
كسروا كل شيء , لم يجدوا سعيد في المنزل وعرفوا هذا مند البداية ,فالبيت الفقير لا يحتاج إلى
التفتيش فهو لا يخبئ حتى قطة.
ركلوا كل شيء بعنف وازدراء ثم خرجوا مكتفين بالرعب الذي نشروه في كل أنحاء البيت
وخاصة في تلك القلوب الصغيرة.
حوصر الجبل كله وكانت الجنود منتشرة في كل مكان كالجراد بعد القحط.
كانوا متأكدين من وجوده هناك ,بعدما باعه صديقه ببضعة جنيهات.
أمسكوا بسعيد وقيدوه وعومل كسفاح وقاتل.
كانت زوجته فقط تعلم ببراءته ,لكن ما الجدوى..من شهادة تموت قبل أن تخرج وتختنق
قبل أن تحلق في سماء غادرتها شمس الحق وخجل منها القمر.
ربما لو نطقت بحرف سيلقون بها في غياهب السجون ويضيع صغار سعيد...
صغاره الذي كان يجد ويعمل من أجل أن يسد رمقهم ويملأ جوعهم.
انقاد سعيد لحتفه أمام أعين الجميع ليكون عبرة لغيره من السذج والمساكين
كم تمنى في تلك اللحظة لو أنه فعلا قاتل .. لو أنه فجرهم جميعا .
أعدم سعيد شنقا بعد تعذيبه وشتمه .
ثم رحلوا وابتعدوا عن المكان لترك جثته للجوارح والضواري.
كان ينظر إليهم باستغراب واستهواء,لظنهم أنه قد فارق الحياة. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق