الشاعر التونسي يوسف رزوقة
جمهوريّة بلا رأس أو حديقة أرسطو
كتبت -عفاف الذيبي:
شهيّ فراغ الحديقة هذا المساءاستراحة حارسها لن تطولولن يتكرّر هذا الفراغ الجميل غدا، في حدائق أخرى لذا سنمارس هذا المساء هواياتناونؤثث هذا الفراغ بأروع صمت يمارسه عاشقان ما ألذ الهدوء الذي يسبق العائلات السعيدة، هذا المساء، إلى البحر ما أعذب الماء يجري إلى مستقرّ له نحو جمجمة دون مخّ.بلا زوجة أتخيّل هذا المساءبلا عودة نحو بيت له جدران وسقف وأرضيّة ونوافذ شتّى وباب تشقّق بعد الزّواج بعشرين عاما لتدخل ريح وتعبث، من حيث شاء الهبوب، بمحتويات المكان. ...ونحن مجانين هذا الفراغ المنظّم في غير ظلمسنفرغ أنفسنا من نفائسها الذهبيّة كي نتفرّغ، هذا المساء، قليلا لأنفسنا وهي حبلى بأبهى فراغاتها.في الفراغ المنظّم في غير ظلمامتلاء بما هو منفى وبحر ولي أن أجازف هذا المساءبإفراغ رأسي المنظّم في كأس فودكاوفي امرأة لا أحبّذ أسلوبها في الحياةولي أن أجازف بالقفز نحو الحديقة في مثل هذا المساءفليس مداها مدى داخليّا لأسرى المكان فلي فيه أيضا تماثيل ذكرى وموطئ حلم وأشياء أخرى ولي فيه أيضا خطى جدّتيما استظلّت بأرزتها تلك إلاّ لترحل بحرا إلى صفر مجهولهاحيث لا فيء إلاّ الفراغ
شهيّ فراغ الحديقة هذا المساءبإمكاننا أن نموت قليلا وننسى نقيق الضفادع، لغط الجماهير في الشارع، البحث عن موقع في الضباب المؤدّي إلى القبر، شكل الإقامة في نقطة ما، التّسوّل من أجل شيء زهيد...بإمكاننا أن نموت قليلاوننسى الحياة الجديدة، كابوس أيّامنا المتشابهة، الغشّ في عشّ عصفورة غادرتها البراءة وهي ترى اللغم يأكل من حيث لا تشتهي بيضها، كلّ ما صنعته الثقافة من سلع، كلّ شيء يعولمه أثرياء الخريطة من أجل فيلم جديد بعنوان "دراما الدمار". بإمكاننا أن نموت قليلاونفرغ أنفسنا من نفائسها الذهبيّة كي نتفرّغ، هذا المساء، قليلا لأنفسنا وهي حبلى بأبهى فراغاتها. لا حقيبة في الرّأس إلاّ الفراغشهيّ فراغ الحديقة في شكلهغير أنّ الحديقة يحرسها، وهي شاغرة، عاشقان أرسطو المكانوسيّدة تطلق النحل في رحلة الألف ميل وحتّى يعود إليها بأشهى رحيقتقلّم أظفارها وتشذب أزهارهاثمّ تفتح باب حديقتها لأرسطو.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق